#تقرير_الآن | من هي لونا الشبل التي ظهرت بالفيديو المسرب لبشار الأسد ؟
عربي و دوليلماذا قتلت؟ ومن قتلها؟ وكيف تحولت من مذيعة في الجزيرة لمستشارة لبشار، وما علاقة قاسم سليماني بالأمر؟
الآن ديسمبر 7, 2025, 7:14 م 756 مشاهدات 0
في دمشق من عام 1974 ولدت لونا الشبل لأسرة درزية، عاشت مع والدتها نايفة المدرسة الناشطة في حزب البعث، وتجنبت بل قاطعت والدها تمامًا، درست الفرنسية في جامعة دمشق وعملت في محل لتصميم بطاقات الأعراس، قبل أن تنضم للتلفزيون السوري كمقدمة أخبار ومنه إلى الجزيرة عام 2003.
في الجزيرة غطت أحداثاً كبرى من حرب لبنان 2006 إلى محاكمة صدام وإعدامه، وصل راتبها إلى 10 آلاف دولار شهرياً، تزوجت زميلها سامي كليب عام 2008 وحصلت على الجنسية اللبنانية، لكن زواجهما انتهى بالانفصال.
في مايو 2010 استقالت من الجزيرة دون سبب واضح، وفي السنوات التالية ظهرت على عدة قنوات، تهاجم الجزيرة بشراسة وتتهمها بتلفيق الأخبار عن سوريا، وقالت إنها تريد وضع خبراتها تحت تصرف النظام، وبالفعل كان لها ما أرادت.
ففي فبراير 2012 عُينت في الرئاسة السورية كمسؤولة عن المكتب الإعلامي الذي كانت تديره بثينة شعبان، عملت بذكاء على إبعاد شعبان والمقربين من الأسد ، وسيطرت على المشهد، ولعبت دور الوساطة في ملفات حساسة منها لقاءات مع خالد مشعل، وفي 2016 تزوجت عمار الساعاتي المحسوب على ماهر الأسد
في أواخر عام 2019، جلس قاسم سليماني مع علي مملوك مدير مكتب الأمن الوطني السوري، سأله عن راتب لونا في الجزيرة فأجابه: 10 آلاف دولار، ثم سأله عن راتبها الحالي فقال: 500 ألف ليرة سورية ( ٩٧٠دولار حينها)، هنا نظر سليماني بعينين شاكتين وقال: "إنها جاسوسة"، كان التحذير صريحا.

لم يكن سليماني وحده، ماهر الأسد شقيق بشار حذر أيضاً من لونا، كانت هي وشقيقها ملهم يجاهران بكرههما لإيران وحزب الله، وسط سلسلة اغتيالات استهدفت قيادات إيرانية ولبنانية في دمشق، بدأت الاتهامات تتراكم حولها، لكن بشار في كل مرة كان يحميها ويكبح جماح الجميع عنها.
الثراء الفاحش ظهر على لونا بشكل فاضح، عقارات في دبي بـ 8 ملايين دولار، شركة تأجير سيارات لزوجها، محطة وقود في الساحل، مطعم روسي فاخر في دمشق اسمه "ناش كراي" افتتحته يونيو 2022 ثم باعته، الأملاك كانت مسجلة باسم زوجة شقيقها
أسماء الأسد بدأت تتساءل بقلق: من أين لها كل هذا المال؟
التوتر بين لونا وأسماء تصاعد بصمت، لونا كانت تطمح أن تصبح السيدة الأولى، فعندما أُعلن عن مرض أسماء بالسرطان مرة بعد أخرى،" يشاع" أن لونا عبرت غير مرة للمقربين منها عن أملها في وفاتها، كانت كلمات خطرة نُقلت بسرعة إلى أسماء، التي طلبت من بشار أن تصبح لونا مستشارة خاصة لها وليس له!
مع مطلع 2023 بدأت عملية التحجيم، أُبعدت لونا عن الملفات الحساسة، وقُلصت صلاحياتها، وأُوقف تدفق المعلومات إليها، شعرت بالخطر يقترب لكنها لم تتصور أن نهايتها ستكون قريبة جداً، خاصة بعد حادثة غيرت كل شيء، حادثة القنصلية الإيرانية في أبريل 2024 التي كانت بمثابة حكم الإعدام عليها

ففي الأول من أبريل 2024، وعند الـ6 مساءً، ضربت إسرائيل بـ6 صواريخ مبنى القنصلية الإيرانية في حي المزة بدمشق، دُمر المبنى بالكامل، قُتل قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان محمد رضا زاهدي وستة من قادة الحرس الثوري الإيراني، كانت ضربة موجعة ودقيقة للغاية، اتكأت فيها إسرائيل على جاسوس ما
بدأت الأصابع تشير فوراً إلى لونا الشبل، التي كانت على علم بتفاصيل اجتماعات هذه القيادات في دمشق، حيث شاركت في بعض الترتيبات واللقاءات، وكان لديها وصول مباشر للمعلومات الحساسة، الإيرانيون وحزب الله اقتنعوا أنها من سرّب المعلومات إلى إسرائيل، وبدأوا يضغطون على بشار الأسد!
بعد 25 يوما من الحادث، تحديداً في 26 أبريل 2024، اقتحمت أجهزة الأمن منزل شقيقها ملهم الشبل ذي الصلة الوثيقة بنائب وزير الدفاع الروسي حينها تيمور إيفانوف والذي أوقف بتهمة تلقي رشاوي، أما ملهم فقد اعتقل مع زوجته نسرين محمد التي كانت الأملاك مسجلة باسمها، بتهمة التخابر مع إسرائيل
في نفس الفترة، فصل زوجها عمار الساعاتي من جامعة دمشق بتهم فساد، ومُنع من السفر، وضُيّق عليه أمنيا، ومن ثم أجبرت على بيع معظم أملاكها في دمشق ودبي، وصودرت حساباتها، وسُحبت صلاحياتها تدريجياً، وأُبعدت عن كل الملفات، لم يعد أحد يستقبلها أو يرد على اتصالاتها، وكانت محاصرة من كل جانب
حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، حزب الله زوّد بشار في تلك الفترة بملف استخباراتي كامل عن لونا، يتضمن أدلة على تسريبها معلومات حساسة عن قيادات محور المقاومة إلى جهات أجنبية، البعض يقول إنها كانت تعمل مع الموساد الإسرائيلي، والبعض يقول إنها كانت تعمل مع الروس مقابل مبالغ ضخمة.
السيناريو الأول: التجسس لصالح إسرائيل، هي الرواية التي تبناها حزب الله والإيرانيون، وتستند لثلاثة أدلة، أولاً: تسريبها معلومات عن اجتماع القنصلية الإيرانية، ثانياً: ثراؤها الفاحش الذي لا يمكن تفسيره، ثالثاً: كرهها المعلن لإيران وحزب الله، وهو ما ظهر جليا في الفيديو المسرب بالأمس
السيناريو الثاني: التجسس لروسيا، ذكره مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، حيث قال إن لونا كانت متهمة بتسريب محاضر لقاءات سرية بين بشار الأسد والقيادات الإيرانية إلى الجانب الروسي، حيث كانت روسيا تريد معرفة ما يدور بين حليفيها في دمشق، ولونا كانت الحلقة الوسيطة.
السيناريو الثالث: صراع النفوذ مع أسماء الأسد، البعض يرى أن القضية لم تكن تجسساً بقدر ما كانت صراع نفوذ عل القصر وسيده، لونا كانت تطمح أن تحل محل أسماء، وأسماء شعرت بالخطر خاصة مع مرضها، واستغلت اتهامات التجسس للتخلص منها، وضغطت على بشار حتى أقنعته بضرورة إنهاء دورها نهائياً.
لكن الأرجح أن الحقيقة تجمع كل هذه السيناريوهات، لونا كانت تلعب على حبال متعددة في آن واحد، تسرب معلومات لجهات مختلفة مقابل المال والحماية، تصارع أسماء على النفوذ، وتراهن على موتها لتحل محلها، وفي النهاية تشابكت كل هذه الخيوط لتصنع فخاً محكماً لم تستطع لونا الهروب منه!
القرار صدر من بشار الأسد شخصياً، بعد ضغوط هائلة من حزب الله والإيرانيين، وبعد إلحاح من أسماء التي لم تعد تحتمل وجودها، فحسب المرصد السوري، اشتركت 3 أطراف في عملية التصفية، حزب الله الذي زود بشار بالأدلة، وبشار الأسد الذي أصدر الأوامر بالتصفية، والمخابرات الجوية التي نفذت العملية.
في الثاني من يوليو 2024، مساء صيفي هادئ في دمشق، كانت لونا عائدة إلى منزلها في منطقة قرى الأسد شمال غرب دمشق، تقود سيارتها بي إم دبليو المصفحة التي يملكها زوجها، على طريق الديماس أو يعفور حسب الروايات المتضاربة، أو طريق موتها كما تأكد لاحقًا.
اقتربت سيارة من سيارتها بسرعة وضربتها ضربة خفيفة من الخلف، لم تكن ضربة قوية بل مجرد احتكاك بسيط، توقفت لونا لتفقد الضرر، كان معها مرافقها ( قيل أيضا زوجها) ، قبل أن يترجل المرافق لفحص السيارة، اقترب رجل مجهول من نافذة السائق، كان يحمل بندقية، وكل شيء حدث في ثوانٍ معدودة.
ضربها بأسفل البندقية على خلفية الرأس والعنق بقوة هائلة، ضربة واحدة محسوبة ودقيقة على منطقة معينة، سمع المرافق صوت الضربة والتحطم، ركض نحو السيارة لكن المهاجم كان قد اختفى بسرعة، وجد لونا فاقدة للوعي تماماً، دماء تسيل من رأسها، حاول إسعافها لكنها لم تستجب، لقد كانت الضربة قاتلة!
حاول المرافق الاتصال بالإسعاف، لكن قبل أن ينطق بكلمة واحدة، وصلت سيارات الأمن بسرعة مريبة، كأنها كانت تنتظر، اعتقلوه فوراً، منعوه من الحديث عما رأى، نقلوا لونا إلى مستشفى الشامي وهي في حالة إغماء تام، اختفى هاتفها الشخصي ليُعثر عليه لاحقاً في سلة المهملات، وبقي هاتف آخر مفقوداً.
في السادس من يوليو 2024، بعد أربعة أيام من الحادث، أعلنت الرئاسة السورية وفاة لونا الشبل ببيان مقتضب من سطرين: "توفيت السيدة لونا الشبل إثر حادث سير أليم"، خرجت لها جنازة متواضعة دون حضور رسمي كبير، ونُشرت صور لسيارتها المصفحة وعليها أضرار خفيفة لا تتناسب مع إصابات قاتلة بالجمجمة
شقيقها ملهم لم يظهر بعد اعتقاله والأغلب أنه قُتل، زوجته نسرين اختفت، زوج لونا اعتُقل ومصيره مجهول، ونائب رئيس المخابرات الجوية حينها الذي نفذ العملية لا يُعرف مكانه، كل الخيوط أريد لها أن تقطع
في قصة مقتلها، لا شيء مؤكد، كل الاحتمالات واردة، وهو ما يبقي السؤال معلقا، من قتلها، ولأي سبب، هل المعارك الشخصية، أم المعارك المخابراتية، هل كانت جاسوسة فعلا، أم مجرد إعلامية لامعة ساندت الأسد وتعدت حدودها؟

تعليقات